ناورو.. جزيرة الأحلام وأرض الفوسفات التي دمرها سكانها بالطمع
ميار مختار محطة مصرجزيرة ناورو واحدة من أشهر الجزر التي دمرها سكانهاـ وهى جمهورية صغيرة واقعة في المحيط الهادي، والتي تأثرت بمزيج مؤلم من الطمع وسوء الإدارة وعدم الكفاءة، لتتحول من جزيرة الأحلام إلى دولة مدمرة على يد شعبها.
وفي التقرير التالي يعرض موقع محطة مصر نيوز أبرز ما لا تعرفه من معلومات عن تلك الجزيرة..
اقرأ أيضاً
- سعفان: 320 شابًا وفتاة من ذوي الهمم تقدموا للتدريب ضمن مبادرة «مصر بكم أجمل» بالمنوفية
- وزير النقل يتفقد مواقع العمل بمشروع القطار الكهربائي الخفيف
- مفيد فوزي ذاكرة الزمن الجميل
- بحضور السكرتير العام للمحافظة.. افتتاح أول مسجد بمدينة قنا الجديدة
- بعد تسرب المياه بداخلها.. غرق قاطرة محملة بالطين الأسواني في النيل
- المتحف القومي للحضارة يستقبل وفدًا من المدونين العرب
- «التعليم العالي»: 115 ألف طالب يسجلون في اختبارات القدرات بتنسيق الجامعات
- مستجدات تنفيذ الحي الحكومي وتوفير أحدث الخدمات الرقمية بالعاصمة الجديدة
- المركز الكاثوليكي للسينما يكرم المخرج خالد جلال في «ليلتكم سعيدة»
- الحضارة ثمرة وعي الإنسان بذاته
- مستجدات مشروع تنمية الأسرة المصرية تمهيدًا لإطلاقه
- في ذكرى رحيله.. كيف تلقى نور الشريف صدمة وفاة والدته أثناء تصوير فيلم الكرنك؟
وسط المحيط الهادي
تقع جزيرة ناورو في وسط المحيط الهادئ، بين كل من أستراليا وهاواي، ولا تملك عاصمة محددة لها على الرغم من أنها جمهورية معترف بها، ولا تتعدى مساحة أراضيها الكلية الـ21 كيلو مترا مربعا تقريبا.
حتى نهايات القرن الـ 19
لم تكن الجزيرة الصغيرة مطمعا لأحد على مدار سنوات طويلة، وحتى نهايات القرن الـ19، فبينما كانت تحظى الجزيرة بأهمية استراتيجية بسيطة نظرا لقربها من أستراليا، وأهمية جمالية أخرى بسبب روعة المناظر الطبيعية فيها وقلة أعداد سكانها، جاءت الصدفة لتكشف عن كنز مختبئ أسفل أراضي جزيرة ناورو الغامضة لتتبدل ملامحها سريعا.
كنز ناورو الخفي
في يوم عمل بمكتب سيدني المختص بشركات جزر المحيط الهادئ، نهايات عام 1899، لفت انتباه عالم الجيولوجيا ألبرت إليس، شيء شبيه بالحجر كان يستخدم لإبقاء باب المكتب مفتوحا، وبمجرد أن سأل عنه حتى قال العاملين أنه حجر مختلف الشكل قادم من جزيرة ناورو.
حجر خام من معدن الفوسفات
توصل ألبرت بعد فترة من البحث والتدقيق، إلى أن هذا الحجر المهمل أمام المكتب، هو عبارة عن قطعة خام عالية الجودة من معدن الفوسفات، ما كشف له عن احتمالية العثور على ثروة شديدة الضخامة عبر تتبع موقع استكشاف تلك القطعة.
الإبحار نحو جزيرة ناورو
أبحر عالم الجيولوجيا إلى جزيرة ناورو في سنة 1901، على أمل إيجاد الكنز الخفي أسفل أراضيها، ليفاجأ بأن حوالي 80% من الجزيرة الهادئة تحتوي على الفوسفات وبكميات ضخمة، ما كان بمثابة اكتشاف مذهل، بدل الكثير من الأمور بشأن الجزيرة الهادئة.
سنوات من التعدين
تغير اسم شركة سيدني لجزر المحيط الهادئ، ليصبح شركة الفوسفات بالمحيط الهادئ، فيما بدأت التعاقدات تتم بين أطراف عدة من مختلف الجنسيات على أرض جزيرة ناورو، لاستغلال الكنز المكتشف حديثا، إذ تعاقدت ألمانيا في سنة 1905 على حقوق تعدين الجزيرة، لتقوم ناورو بتصدير المئات بل الآلاف من أطنان الفوسفات للدول الأخرى.
جزيرة كئيبة ومروعة
صار العمل ليلا ونهارا على أرض ناورو من أجل استخلاص الفوسفات هو الشغل الشاغل للجميع هناك، ما علق عليه المصور روزاموند دوبسون لجريدة ناشيونال جيوجرافيك، قائلا: "تبدو حقول الفوسفات على أرض ناورو عبارة عن قطعة أرض كئيبة ومروعة، حيث تتعدد فيها القمم البركانية وكذلك الأعماق الكهفية الممتلئة بالشعاب المرجانية المحطمة تماما، فيما تلاحظ سلال جمع الفوسفات المهملة وكذلك العبوات الصدئة في كل مكان".
أستراليا تستحوذ على الجزيرة
تمكنت أستراليا مع بداية الحرب العالمية الأولى من الاستحواذ على جزيرة ناورو من ألمانيا، لتستمر أعمال التعدين على قدم وساق لسنوات، حتى ظهر طامع جديد في الجزيرة وهي دولة اليابان، التي اقتحمت أراضيها لتسفك دماء الكثيرين، ويلقى ربع سكان الجزيرة حتفهم، ويتبقى منهم 600 مواطن فقط مع حلول عام 1945.
عادت الأمور لطبيعتها بمرور الوقت، حيث زادت كميات الفوسفات التي يتم تصديرها خارج جزيرة ناورو بصورة خيالية، حتى حصلت على استقلالها التام أخيرا في سنة 1968، ليصبح من حق حكومتها المشكلة وسكانها الأصليين استغلال كنزها كما يحلو لهم ودون مشاركته مع دول أخرى.
بداية النهاية
لم تكن سيطرة حكومة ناورو على زمام الأمور، إلا بداية النهاية لجزيرة الأحلام المتخمة بالكنوز، حيث تجاهل جميع المسؤولين والسكان هناك الحقيقة الصادمة، المتمثلة في قرب انتهاء كميات الفوسفات من البلاد، ليقوموا رغم ذلك بزيادة نسب التعدين والتصدير من أجل حصد الأموال السريعة.
عقدين من الثراء
تحقق للجميع هناك ما أرادوا، حيث عاشت الجزيرة في ثراء واضح لنحو عقدين من الزمان، فبالرغم من أن سكان البلاد لم ينعموا مثل المسؤولين بالمنازل المترفة، إلا أنهم استفادوا أيضا من عدم فرض الحكومة لأي ضرائب، ومن الحصول على رعاية طبية مجانية، شأنها شأن نظام التعليم المجاني والإلزامي هناك، لذا عاشوا أيضا في ترف، إلا أن ذلك لم يستمر طويلا.
جاء قرب انتهاء الفوسفات ليوقظ المسؤولين في ناورو أخيرا من غفلتهم الطويلة، حيث حاولوا في بداية التسعينيات إنعاش الاقتصاد المعتمد بشكل أساسي على الفوسفات الذي أوشك على النفاد، عبر افتتاح أكثر من 400 فرع لبنوك عالمية، كما سمحوا للأجانب بالحصول على إقامة اقتصادية في البلاد مقابل المال، لتحصل الحكومة فعليا على ملايين الدولارات سنويا، لكنها حصدت أيضا سيلا من الأزمات الجانبية.
سلبيات وأزمات أجنبية
صارت أرض جزيرة ناورو ملاذا آمنا لجرائم فساد متنوعة كالتهرب الضريبي وغسيل الأموال، حيث أصبحت مرتعا للأثرياء الذين يرغبون في غسل مليارات من الدولارات سنويا، كل هذا أدى في النهاية إلى عجز الحكومة عن إيجاد البديل المناسب للفوسفات الذي انتهى وجوده فعليا مع السنوات الأولى من القرن الـ21.
عادت أستراليا لتولي مهام إدارة الجزيرة المدمرة، حيث عانى الجميع هناك من الفقر في غضون سنوات، فيما قلت الوظائف تماما وصارت الأرض غير مؤهلة حتى للزراعة بسبب المبالغة في عمليات التعدين، فتحولت الجنة إلى جحيم في أعين سكانها أنفسهم، والذين يشاركون المسؤولين دون شك جريمة تدمير ناورو، بعد أن أجهزوا على كميات الفوسفات دون تخطيط، وأنفقوا أموالهم ببذخ، لتعود أرض ناورو في النهاية إلى أسوأ ما كانت عليه قبل اكتشاف كنزها منذ قرون.