نور الشريف.. يامسافر وحدك
رائد لطفي محطة مصرقليلون هم من لقبهم الناس قبل طلابهم بلقب الأستاذ .. نور الشريف واحد من هؤلاء الأساتذة بل هو أستاذ ذو مكانة خاصة .. مكانة إنسانية وثقافية قبل أن تكون مكانة فنية .. قبل أن يشاء القدر أن أراه لأول مرة أثناء بروفات مسرحية "يا مسافر وحدك" على خشبة المسرح القومى كنت قد سمعت من بعض الزملاء بإكاديمية الفنون عن أعمال نور الشريف الإنسانية وفرحت جداً بقيامه بتنبى عدد من المواهب من الدارسين بالمعهد العالى للفنون المسرحية ومساعدتهم مادياً ثم تقديمهم من خلال أعماله الفنية لاحقا .. وهناك من تلامذته من أقروا بدوره وهناك من منعهم مانع لكننا كنا نعلم مبادراته التى لا تنتهى طوال الوقت .. وكنت مع بعض من كتاب المسرح نقف طويلا ً عند مسرحية " بكالريوس فى حكم الشعوب " ونرى أنه النص الذى يصلح فى كل زمان ومكان بدول العالم الثالث والذى إبدع فيه نور الشريف فى نهاية السبعينات لدرجة جعلت النص يمثل خطراً من نوع ما فوضع فى دائرة المحظورات .. وأثناء دراستى الإكاديمية التحقت بدروة فى الأخراج المسرحى أعلن عنها المركز القومى للمسرح والموسيقى بمبنى المسرح القومى بالعتبة .. وتصادف وقتها _أى فى نهاية التسعينات _ أن تقام بروفات مسرحية " يا مسافر وحدك" وهى من تأليف واخراج الدكتور هانى مطاوع .. ومن بطولة الأستاذ نور الشريف وندا بسيوني والفنانة الشابة وقتها منى ذكى .. وكانت متابعة البروفات من البلكونة أهم عندى وأكثر فائدة لى من دورة الإخراج المسرحى فقد كنت أشاهد مساء كل يوم قدرات نور الشريف التمثيلية السهلة الممتنعة وانفعالاته الشديدة المنضبطة جداً وقدرته الخاصة على احتواء ودعم من يقف أمامه وأعتقد أن منى ذكى ستعتز طو يلا بدورها فى هذه المسرحية .. طرحت المسرحية _ المأخوذة عن مسرحية أجنبية _ سؤالا صعباً مازلت أحتار بشأنه إلى اليوم وهو : من سيوافق على أن يذهب معك للآخرة عندما تحين ساعتك؟ . بالطبع سيرفض الكثيرون وسيتهرب الكثيرون وسيفكر القليلون بدافع الحب أو الوفاء. لكن فى النهاية ستطرح أنت سؤال أهم : هل تحتاج لأحد فى آخرتك بالفعل ؟ . ستختلف إجابات الكثيرين منا لكن أظن أن إجابة نور الشريف كانت أنه سيحتاج هناك إلى إنسانيته وثقافته وفنه الراقى لربما أحتاج أن يعيد تقديمهم هناك بدافع اكمال رسالته أو إمتاع جمهوره مرات ومرات . أما أنا ففى كل ذكرى لرحيل الأستاذ سأقول له أنك لم تسافر وحدك فقد صاحبتك طيبة قلبك وثقافتك وأعمالك الخالدة التى انتصرت كلها للأنسان وحقوقه وحريته.