في ذكرى اكتشافه.. تعرف على قصة أقدم نسخة من الإنجيل بدير سانت كاترين
حنين ناجي محطة مصرفي مثل هذا اليوم الرابع من فبراير عام 1859 تم العثور على أقدم مخطوطة معروفة للإنجيل بدير سانت كاترين بمصر.
"المخطوطات السينائية" هي أقدم مخطوطة معروفة للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد والتي تم جمعها في القرنالرابع الميلادي، ويعتقد أنها واحد من 50 نسخة أمر الإمبراطور قسطنطين بكتابتها لأول مرة عام 350م.
وتحتوى المخطوطات على أقدم نسخة كاملة للعهد الجديد باللغة اليونانية بالإضافة إلى معظم العهد القديم المعروف بالترجمة السبعينية.
يرجع الفضل في اكتشافها لفريدريك قسطنطين تشندروف الأستاذ بجامعة "ليبرج" بألمانيا والذي بدأ عام 1844م رحلته الطويلة في الشرق الأدنى باحثًا عن مخطوطات الكتاب المقدس وهو لم يكن قد تجاوز الثلاثين من عمره.
وقصة الاكتشاف تمت خلال ثلاث زيارات قام بها تشندروف لدير سانت كاترين بسيناء ولذلك سميت بالمخطوطات السينائية نسبة إلى مكان اكتشافها بسيناء.
وكانت الزيارة الأولى عام 1844م أمضى خلالها عدة أسابيع من البحث والتنقيب ليعثر في النهاية على بعض الرقوق في سلة مهملات كانت ممتلئة بالأوراق تمهيدًا لحرقها في الفرن الخاص بالدير.
وكانت الرقوق مغطاه بمخطوط أنيق لم يرى تشندروف مثله من قبل وبفحصها تنبين أنها نسخة من الترجمة السبعينية للعهد القديم مدونة بالحروف اليونانية، فاستعاد منها ما لا يقل عن 43 ورقة محفوظة الآن بمكتبة جامعة ليبرج بألمانيا.
وهذه الأوراق الثلاث والأربعون تحتوى على أجزاء من سفر أخبار الأيام الأول وإرميا ونحميا وأستير، وفي عام 1846 أطلق عليها اسم "فريديريك أوغسطس" تكريما للملك فريدريك الذي كان ملكا لموطن تشندروف وراعيا له.
أما زيارته الثانية فكانت عام 1853 إلا أنها لم تثمر عن اكتشاف أية مخطوطات جديدة إلا قصاصة تحتوي على 11 سطرًا من سفر التكوين.
وفي عام 1859م قام بزيارته الثالثة والأخيرة بتوجيه من القيصر الروسي ألكسندر الثاني، أمضى فيها وقتا طويلا لم يعثر خلاله على ضالته فقرر أن يغادر الدير يوم 4 فبراير.
وفي عصر ذلك اليوم دعاه أمين الدير لزيارته في قلايته حيث أخبره بأنه يقرأ من الترجمة السبعينية، وأطلعه على مجلد ملفوف بقماش أحمر ما إن رآه تشندروف حتى استولى عليه الذهول حيث وجد ضالته التي كان يبحث عنها، ومخفيا لمشاعره طلب منه الإذن بفحصها في المساء.
وطبقا لما كتبه تشندروف في يومياته، فقد ظل ساهرا طوال الليل في دراسة المخطوطة قائلا: "بدا النوم وكأنه تدنيسًا لتلك المقدسات".
وبعد فحصها وجد تشنروف أن المخطوطة السينائية اشتملت على 199 ورقة من العهد القديم، و147 ورقة ونصف من العهد الجديد، جنبًا إلى جنب مع رسالة برنابا (منتصف القرن الثاني) ومعظم الراعي هرماس، وهو كاتب مسيحي من القرن الثاني.
وتشمل الصفحة على أربع أعمدة وكل عمود يتكون من 48 سطرًا.
أقنع تيشندورف الرهبان بتسليم المخطوطة الثمينة إلى القيصر ألكسندر الثاني ملك روسيا مقابل وضع الدير تحت حماية القيصر.ولاحقا قام بنشر المخطوطة التي طبع منها 1232 نسخة بتمويل من " إسكندر الثاني " قيصر روسيا، وأهدى القيصر إلى المكتبات العامة 223 نسخة مصورة، منها النسخة المحفوظة الآن في دير سانت كاترين، أما النسخة الأصلية فقد أهداها تشندروف إلى إمبراطور روسيا الذي احتفظ بها في المكتبة الملكية بروسيا.
ظلت المخطوطة في المكتبة الوطنية الروسية حتى عام 1933 ، فعندما قامت الثورة الشيوعية باعتها الحكومة السوفيتية إلى المتحف البريطاني مقابل 100 ألف جنيه إسترليني.
وفي يوليو 2009 تم اكتشاف أجزاء إضافية من المخطوطة بدير سانت كاترين، ويمكن الآن الاطلاع على تلك المخطوطات على الانترنت بعدما تمت رقمنتها وتحويلها إلى نسخة إلكترونية.