جدل عالمي.. ما هي الدوافع الحقيقية وراء الارتفاع ”الجنوني” لأسعار الفضة
ياسمين محمد محطة مصر
على الرغم من التقارير التي رجحت أن تكون لمضاربات مجموعة "ريديت" علاقة قوية بموجة الارتفاعات الكبيرة في أسعار الفضة على مستوى العالم، إلا أن محللين قالوا لمجلة "فوربس" الأمريكية، إن الارتفاع القياسي في أسعار الفضة مرتبط أكثر بالمخاوف الناجمة عن تعثر عمليات توزيع لقاحات كورونا داخل الولايات المتحدة.
ومجموعة "ريديت" تعتبر مجتمع للرهانات على أسهم وول ستريت، وتضم الآن حوالي 5 ملايين متابع، وموجودة منذ 2012 أغلبهم من المستثمرين الأفراد، وخلال الأسبوع الماضي تسببوا في هزة كبيرة بسوق وول ستريت حينما قادوا حشدا لرفع قيمة سهم شركة "جيم ستوب" التي أوشكت على الإفلاس بنسبة 30% من قيمتها الحقيقية، بهدف الإضرار بمصالح كبار المستثمرين.
وارتفع سعر الفضة أمس إلى أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات، كما قفزت قيمة أسهم تعدين الفضة بسبب تدافع تجار السبائك لتكديسها وشرائها من صغار المستثمرين وسط حالة من الاضطرابات التي شهدتها سوق المال الأمريكية على خلفية ما قامت به مجموعات "ريديت".
وتقول مجموعة "جي إم اي" الاستشارية، إن ارتفاع اسعار الفضة يرتبط بالاضطرابات الداخلية في الحزب الجمهوري، والمخاوف من فشل خطة توزيع لقاح كورونا المستجد بشكل أكبر من ارتباطه بالدعاوى التي أطلقتها مجموعة "ريديت".
وسجلت أسعار الفضة زيادة تلامس الخمسة دولارات من مستوى 25 دولار إلى 30 دولار للأوقية خلال أقل من 24 ساعة، في وقت بدأ مضاربي مجموعة "ريديت" حملة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، للضغط على أسهم تعدين الفضة على اعتبار إن ارتفاع سعر المعدن سيضر أيضا بمصالح بالمستثمرين الكبار الذين يراهنون على انخفاضها في مسعى منهم لتكرار ما فعلوه قبل أيام مع أسهم شركة "جيم ستوب".
في المقابل رأى رجب حامد الرئيس التنفيذي لمجموعة سبائك الكويت، أن الأسواق شهدت الأسبوع الماضي معركة حامية بين مدراء صناديق التحوط الذين راهنوا على بيع سهم شركة الألعاب "Gamestop"، وهناك الكثير من الشبهات التي تحوم حول احتكار وسيطرة بعض البنوك ومدراء الصناديق الاستثمارية ومدراء صناديق التحوط على تحركات المعادن الثمينة - ومن بينها الفضة - وحصرها في نطاقات ضيقة ودفعها للهبوط بالمضاربة عليها.
وأوضح الرئيس التنفيذي لـ"سبائك الكويت"، أن هذه الرؤية دفعت بعض صغار المتداولين لإطلاق حملة علي موقع التدوين الأشهر "Reddit"، يدعون فيها لموجة شراء للفضة وأطلقوا عليه "silver price squeeze"، في مناشدة جماعية لشراء الفضة وتكبيد كبار المضاربين الذين باعوا الفضة ويراهنون على الهبوط، وهذا ما يفسر الارتفاع الكبير في أسعار الفضة منذ يوم الجمعة.
وبدوره قال جيف كريستيان، الشريك الإداري في "CPM Group"، الاستشارية لموقع "فوربس" أن المستثمرين ينظرون بترقب شديد لمشاكل نظام توزيع اللقاحات في الولايات المتحدة حيث تم تسليم 17000 جرعة لقاح للمساعدة في تحصين 9 ملايين شخص في نيويورك الأسبوع الماضي، بما يعني أننا سننتظر لسنوات قبل أن يصبح الوباء تحت السيطرة.
وأضاف: "إذا أضفنا مسألة الخلافات التي تضرب الحزب الجمهوري مع أزمة برامج التلقيح، سنكتشف أن المستثمرين لديهم مخاوف كافية تدفعهم لشراء الفضة".
وبينما يرى كريستيان أن سعر المعدن سيرتفع بشكل كبير خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة مدفوعًا جزئيًا بالطلب على الاستثمار فإن البعض يرى أن هذا السيناريو صعب الحدوث مع المعادن التي تتحرك فيها بنوك استثمارية كبيرة، على الرغم من أن أسعار الفضة دون الأسعار العادلة ولكن تكرار ما حدث في سهم "Gamestop"، على الفضة لن يكون بالأمر اليسير، ولكنهم سوف يحدثون بعض الزخم في الأسواق وسوف يكون الأسبوع القادم مهم لتفاعل سوق المعادن الثمينة مع موجة شراء الفضة.
وأكدت مجموعة سبائك الكويت في تقرير لها، أمس أن الفضة معدن ثمين وصناعي في نفس الوقت مما يجعل الطلب عليه أكثر تنوعا من عدة قطاعات، وهناك طلب بغرض الزينة والمجوهرات وأخر بغرض صناعي، ويدخل معدن الفضة في كثير من الصناعات ومن بينها بطاريات السيارات الكهربائية التي عززت من الطلب عليه، في مقابل كل ذلك هناك طلب استثماري على هذا المعدن مما يجعله أحد الأدوات المالية في المحافظ الإستثمارية وكذلك أداة تحوط وملاذ آمن.
وترى المجموعة الكويتية أن هذه التركيبة المتنوعة من الطلب مقارنة مع أسعار الفضة تجعل الأسعار الحالية للفضة، أقل من السعر العادل للمعدن الأبيض، وهذا ما يجعل الارتفاعات السعرية في البورصات للفضة مدعومة بأساسيات قوية حتى إذا كانت المضاربة هي مصدر هذا الزخم.