في ذكرى رحيله الـ46
إسماعيل ياسين.. ملك المنولوج الذي دخل مستشفى المجانين ومات ودموعه على خده
محطة مصرتصادف اليوم ذكرى رحيل ملك الكوميديا إسماعيل ياسين، في مثل هذا اليوم الاثنين، الموافق الـ 24 من مايو، وقد رحل فنان الكوميديا عن عمر ناهز الـ 60 عاما، تاركا للفن أرثا لا يقدر بثمن، وراسما البسمة على ثغر كل من شاهده، ببصمة من الفرحة في قلوب كل من أحبوه.
وعلى النقيض فليس كل من يضحكنا يضحك، وتعد حياة إسماعيل يس، خير مثال على الحياة الصعبة التي كان يحياها، ولكنه يتركها جانبا، بمجرد أن يصعد على خشة مسرح، أو يقف أمام كاميرا، ليسجل إسماعيل ياسين كانت رحلة إسماعيل ياسين مع الفن حافلة بالعطاء والمواقف الصعبة والتحديات الكبيرة والنجاحات والإخفاقات.
ويعرض موقع محطة مصر قصة حياة إسماعيل ياسين كاملة في ذكرى رحليه...
في ميدان الكسارة بمنطقة الغريب
في ميدان الكسارة بمنطقة الغريب بمحافظة السويس، شرق مصر، ولد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر من العام 1912، ونشأ في أسرة ثرية عُرفت بتجارة الذهب، ونعم بحياة هنيئة إلى أن توفيت والدته وهو صغير فتزوج والده من سيدة أخرى.
ومع كثرة الطلبات، كانت الزوجة الجديدة سبباً في تراكم الديون على الوالد، ومع العجز عن سدادها، تم زجه في السجن، ليعيش إسماعيل مع زوجة أبيه حياة مرة، ضاق بها إسماعيل ذرعا ، فحاول البحث عن عمل ليبعد عن السويس ويفر بعيدا عن بطش زوجة والده.
في عمر الـ 17 عاما
انتقل يس إلى القاهرة، في بدايات الثلاثينيات لكي يبحث عن مشواره الفني كمطرب، وهو في سن الـ 17 عاما، وجاء ذلك في كتاب "رجال صنعوا السويس"، على لسان المؤرخ حسين العشي، الذي رصد أن إسماعيل ياسين ترك السويس في هذا العمر الصغير، ليبدأ رحلة حياة صعبة ويعمل في فرقة للرقص بشارع محمد علي ثم في كازينو بديعة مصابني، والتي كانت من رائدات المسرح الاستعراضي، وكانت فرقتها من أشهر الفرق آنذاك.
كما ذكر إسماعيل ياسين نفسه في حوار أجراه مع الإعلامى الراحل طاهر أبو زيد، فى البرنامج الإذاعى "جرب حظك"، وانهمرت فيها دموع إسماعيل ياسين، حينما تحدث عن ظروف نشأته فى محافظة السويس وهروبه إلى القاهرة فى عمر الـ17 عاما، بعد أن نصحه البعض لاحتراف الغناء والتقديم فى معهد الموسيقى لأنه يمتلك صوتًا جيدًا.
في شوارع السيدة زينب
وفي شمس الصيف، هبط أسماعيل يس إلى القاهرة، إلا أنه فوجئ أن المعهد مغلق، واضطر إلى اللجوء لأقاربه، للمبيت عندهم، ولكنهم لم يرحبوا به، معتذرين بحجة عدم وجود أماكن للنوم، وبعد فترة طويلة من التجول فى الشوارع طوال اليوم، اضطر إسماعيل ياسين إلى النوم فى مسجد السيدة زينب، وتم طرده من إمام المسجد، فذهب إلى مسجد آخر فى نفس المنطقة لينام أمامه، وإسمه مسجد مراسينا.
شيخ المسجد يرحب بعابر السبيل
في ذلك المسجد روى إسماعيل ياسين قصته، لشيخ المسجد واستضافه فى منزله، وأعطاه ثمن تذكرة الرجوع إلى السويس، فرجع ووجد والده فى حالة لا يرثى لها بعد خروجه من السجن، وجده يعمل بيده بعد أن كان يمتلك محلا كبيرا، وهنا بكى إسماعيل ياسين.
10 سنوات من غناء المونولوجات
قرر إسماعيل أن يحارب من أجل العمل والدخول في مجال الفن، فواجه صدمة بعد رفض معهد الغناء له، بحجة شكله، فبدأ في غناء المونولوجات التي كان يكتبها صديقه أبوالسعود الأبياري، لمدة 10 سنوات كاملة.
أول فرصة في عالم الفن
ظل الحال قائما، حتى وجد أول فرصة للتمثيل السينمائي عام 1939، في فيلم فؤاد الجزايرلي "خلف الحبايب"، ليصبح بعدها إسماعيل ياسين قنبلة سينمائية تفجر الضحكات، وتنشر البسمات لمدة عشرين سنة متواصلة قدم خلالها 500 فيلم، وهو رقم لم يصل إليه أي ممثل في العالم في تاريخ السينما المصرية، حيث قدم أكثر من 150 فيلمًا أشهرها سلسلة أفلام حملت اسمه مثل إسماعيل ياسين فى الجيش، إسماعيل ياسين فى الأسطول، إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين، وإسماعيل ياسين فى متحف الشمع وغيرها من الأفلام.
كما قدم بعدها العديد من الأفلام من أشهرها "على بابا والأربعين حرامى" و"نور الدين والبحارة الثلاثة"، وفى عام 1949 فيلم "الناصح" كان أول بطولة مطلقة للفنان إسماعيل يس وذلك بعد انتباه أنور وجدى لموهبته، واستطاع "ياسين" أن يكون نجما لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير ليدفع المنتجين إلى التعاقد معه على أفلام جديدة.
فرقة مسرحية و60 عمل
أسس إسماعيل ياسين، فرقته المسرحية الخاصة به، والتي حملت اسمه بالتعاون مع رفيق عمره أبو السعود الأبياري، وقدم في الفترة ما بين عامي 1954 و 1966 نحو 60 عملاً مسرحياً.
الجمهور يرفض
ذعنوا أن السبب هو التكرار، وفي منتصف الستينيات لم يعد الجمهور متقبلا لكوميديا إسماعيل ياسين، والسبب كان في أنه بدأ في تكرار نفسه وقفشاته، خاصة مع دخول نجوم جدد في الكوميديا مثل عبد المنعم مدبولي و فؤاد المهندس، إضافة إلى ثلاثي أضواء المسرح سميرغانم و جورج سيدهم والضيف أحمد، ونتج عن ذلك انصراف المنتجين والمخرجين عنه، ما اضطره للسفر إلى لبنان للعمل بالمونولوج هناك، وبعض الأدوار القصيرة، حتى عاد من جديد إلى مصر بعد أن أرهقه مرض ''النقرس''، ليشارك في أدوار صغيرة بمصر، آخرها مشهد صغير في فيلم مع الفنان نور الشريف، لكنه لم يكمله فقد اختطفه الموت قبل تصويره.
مستشفى الأمراض العقلية
كان الفنان إسماعيل ياسين يؤدي منولوجا أمام الملك فاروق، في أوائل الخمسينيات، وقال "مرة كان في واحد مجنون زي حضرتك"، فثار الملك ورد غاضباً "أنت بتقول إيه يا مجنون؟"، فحاول إسماعيل أن يخرج من الموقف بالتظاهر بالإغماء وسقط مغشيا عليه بالفعل لينجو من غضب الملك.
فأرسل الملك فاروق طبيبه الخاص لفحص إسماعيل، وفهم الطبيب ما حدث، فكتب تقريراً للملك أكد فيه أن الفنان الكوميدي تعرض لحالة عصبية سيئة دفعته لقول ذلك، وأن هذه الحالة جعلته يفقد وعيه مؤقتا.
إلا أن تقرير الطبيب، تحولت مهمته من إنقاذ اسماعيل لزجه في مستشفى الأمراض العقلية، حيث أمر الملك بعلاجه في المستشفى، ومكث فيه بالفعل لمدة 10 أيام.
مجد نهايته حياة بائسة
ففي ظل عصر من المجد، عاشه الفنان الراحل إسماعيل ياسين، في فترة الخمسينيات، وحقق خلاله نجاحا باهرا، جعله نجم شباك بلا منازع، شهدت أواخر أيامه بؤس ووحدة، كما ذكر المؤرخ حسين العشي، وذلك بعد انحسار الأضواء عنه، وفقد كل موارد دخله لدرجة أنه كان لا يستطيع دفع إيجار الشقة التي انتقل إليها بعد قيام الضرائب ببيع عمارته التي بناها من عرقه وجهده.