قصة كفاح الخضري | كتب 150 قصة.. وأجره 12 قرش والتحق بالثانوية في سن الـ25

يتسلل اليأس لقلوب الناس في سن الأربعين تقريبا، وهي القاعدة المتعارف عليها والشائعة بين جموع البشر، إلا أن اليأس أصبح قادرا على الدخول لعقول وقلوب الشباب بسهولة، حيث أن هناك العديد من الأفراد الذين أودى اليأس بحياتهم وقضى على أحلامهم نهائيا وبلا رجعة، في الوقت نفسه الذي تغلب عليه العديد من الشباب وقاموا جادين نافضين عن أنفسهم ذلك الشعور المخزي المدمر للإنسان.

 

وقد يحتار الفرد في أمره، إذ ما أصبح بلا أمل ولا نقود ولا أصدقاء، وقد يصل الأمر إلى إغراق الأرض، أو الموت عطشا، ولكن لا يتمثل الحل أبدا في لعن الحظ أو البخت السيء أو إلقاء الوضع على شماعة الظروف، أو الانتحار، كما يحدث مؤخرا.

 

وفي السطور التالية يقدم موقع محطة مصر قصة أمل، تكون إجابتك على سؤال ماذا أفعل؟.. في حال تعثرت الظروف أو ضاقت الدنيا..

 

صناعته أديب مسئول عن أفواه

محمد الخضري عبد الحميد، كانت صناعته أديبا بجانب عمله بمهنة ثانية، وبدأت حكاياته بحادث بسيط، بعد أن توفى والده، وكان الخضري حينها في المرحلة الابتدائية، وهو لم يتجاوز الـ 12 من عمره، ليتخطى المرحلة الابتدائية ويدرك أنه بلا عائل ولا مال ولا أقارب، في الوقت الذي أدرك فيه أيضا حقيقة مسئوليته عن عدد من الأفواه يجب اطعامها وسد حاجات عائلته، ولكي يوفر هذا الرزق عليه أن يجد ويعمل طوال النهار، ليصنع بذلك لنفسه قصة كفاح.

 

مرتب عامل بالفأس

عمل الخضري بوزارة الزراعة، وعاني خلال فترة عمله بها، وذلك لعدة أسباب كونهم لا يعترفون بمؤهله الدراسي أو موهبته الكتابية المُرهقة لذاته أولا قبل أن ترهق غيره من الناس، ولكنه ارتضى بالعمل في الوزارة من أجل المتطلبات على قائمة أولوياته، مقابل أجر 120 مليما في اليوم يتقاضها مقابل مهنته كعامل بالفأس.

 

حلم لم يتنازل عن تحقيقه

ظل الخضري يكتب ساخرا من الأوضاع التي يعيشها المجتمع المصري، وشيئا فشئيا بدأ يكتب في جرائد ومجلات عدة مثل روايات الأسبوع والقصة والنداء، ونشر الخضري أيضا في قصص للجميع، وفي الرسالة، والرسالة الجديدة، ونشرت له مجلة الممتاز قصة "يا رفاعي ممد"، وقدمتها لقرائها.

 

وعلقت المجلة اثناء مناقشة القصة في سطور قائلة " أن القصة وأدب القصة يحتفلان أطيب احتفال بانضمام محمد الخضري عبد الحميد، فهو بلا مراء يمتاز بصدق الطابع المصري الأصيل الصادق الانطباع، كما انه ذو فن عذب"، وبعدها انتقدت قصته بشكل أدبي وفني.

 

أكثر من 150 قصة نشرت جمعيها

استطاع الخضري إنتاج اكثر من 150 قصة، ويذكر أن جميعها نُشر، بمجلات وجرائد مختلفة، حتى أن بعض تلك المجلات قامت بنشر قصص نشرت في مجلات أخرى غيرها، فمثلا قامت مجلة الرسالة بنشر قصة له كانت قد نشرتها مجلة قصتي سابقا.

 

كما أن للخضري أكثر من كتاب قدم أحدهم يوسف السباعي.

 

كيف يكتب وكيف كان يعيش؟!

اعتمد الخضري بشكل رئيسي في كتابة قصصه على الأجواء المصرية الشعبية، وتحليل الشخصيات الضاحكة، التي تصنع من فقرها مادة للسخرية من الفقر، وأرجع العديد من النقاد واقعية الخضري في كتابته إلى كونها نابعة من حياته، فهكذا كان يكتب.

 

أما بالأجابة عن كيف كان يعيش، فبداخل حجرة من حصير ووسادة، تفوق نظافتهما نظافة قصر، عاش الخضري مع أمه وشقيقته، في الوقت الذي تكونت فيه حجرة مكتبه من طبلية أنيقة.

 

وإذ ما سئم من الجلوس بغرفة المكتب، انتقل إلى حديقة المكتب وسط الجاموس والدجاج والخراف وهناك يعاود كتابة ابداعاته مرة أخرى. 

 

"الجاموس حافز قوي لي، فكلما نظرت لنفسي ووجدتني هكذا بينهم، اشتعلت حماستي، واشتدت رغبتي في النضال للحصول على أصدقاء أفضل".

 

25 عاما طالب بالثانوية

وفقا للتاريخ الذي نشرت فيه مجلة الجيل في عددها الـ 229، بيوم الإثنين الموافق الـ 14 من مايو لعام 1956، هذه القصة، كان الخضري قد بلغ من العمر 25 عاما، طالبا ملتحقا بالمرحلة الثانوية، لاستكمال حياته التعليمية، ولتحقيق أمله في الإلتحاق بكلية الآداب، ليعيش بعدها متفرغا لفنه، بدلا من عاملا بالفأس في وزارة الزراعة.