بعد مُضي عام.. علماء يكشفون شكل الحياة بعد ”كورونا”
آية ممدوح محطة مصرعام كامل مضى على جائحة فيروس كورونا، وما زال ينتظر الكثير عودة الحياة إلى شكلها الطبيعي، بعد أن أحدثت الأزمة تغييرات جذرية في نمط الحياة وطريقة العيش، وأثرت في تفاعلهم الاجتماعي، فكان لذلك أضراره الصحية والنفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية على المجتمع أجمع بكافة أنحاء العالم، بعدما حصدت الملايين من الأرواح، وأصابت الملايين الأخرى.
استمرار جائحة كورونا.. جعل الكثير يتساءل ويردد هل تعود الحياة مرة أخرى إلى طبيعتها والقضاء على هذا الفيروس اللعين؟.. بالطبع ستترك الجائحة آثارًا وتغيرات بارزة على كل جوانب الحياة، بعد تغير نمط الحياة تمامًا والاعتماد على الآلة والشغل المنزل والانعزال.
نمط الحياة
يتوقع الباحث في علم اجتماع الأوبئة بجامعة يال الأميركية، نيكولاس كريستاكيس، في كتابه "سهم أبولو"، أن الناس سيميلون أكثر إلى التفاعل فيما بينهم، عندما ينتهي الوباء، وتزول قواعد التباعد المفروضة.
إذ سيحدث اندفاع في زيارات الناس لعائلاتهم والمطاعم والذهاب إلى السينما، والسفر، ويتلم شمل المحبين والأقرباء، لكن لن يعود مستوى التواصل بينهم إلى ما كان عليه في السابق، لأنهم تعودوا بشكل ما أن يعيشوا بعيدًا عن بعضهم البعض.
كما يشير ريني روهيرربيك إلى التباعد الاجتماعي بين الناس، قد يجعلهم أكثر قربًا على المستوى النفسي حول العالم، ويقول: "أعتقد أن اتحاد الناس لمواجهة الأزمة الحالية سيقربهم من بعض بشكل أكبر، حتى كمجتمعات دولية، وسيعزز التعددية، كما سيعزز قدراتنا على إيجاد إجابات لتحديات أخرى تواجه الإنسانية.
الأزمة الاقتصادية
فقد ملايين الأشخاص وظائفهم من جراء حالات الإغلاق التي فرضت لكبح انتشار فيروس كورونا، ويرى الخبراء أن فقدان الناس لمواردهم ربما يغير طريقة إنفاقهم واستهلاكهم مستقبلا.
وأوضح شيلينغ، رئيس مؤسسة "جاري شيلينغ أند كو" الأمريكية للاستشارات، أنه بمجرد نجاح البشرية في هزيمة وباء "كورونا"، ستعود الحياة الطبيعية إلى الأسواق العالمية، ولكن على نحو يشوبه التباطؤ في النمو الاقتصادي، انخفاض أسعار السلع، وانعدام الثقة في الأسهم. لم تتجلى تداعيات الأزمة الاقتصادية الشهيرة التي شهدها العالم في عشرينيات القرن الماضي، إلا حينما شعر بها العالم بعد الكساد العظيم في الثلاثينيات.
وأضاف شيلينغ: "وبالمثل، فبعد الركود العالمي الخطير الذي أعتقد أن كورونا قد أطلق شرارته، فإن الحقبة الثانية من القرن الحالي ستبدو أشبه بالعصر الذهبي للنمو الاقتصادي المتباطئ وإن كان مطردًا، مع الارتفاع في معدلات البطالة، والتراجع في معدلات التضخم وفي أسعار الفائدة".
كما ستبقى حالة الحذر لدى المستهلكين لفترة طويلة بعد انحسار أزمة "كورونا" تمامًا، كما حدث بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وسيسود مفهوم "استهلكه واستنفذه تمامًا أو استغنى عنه" ربما لسنوات، الأمر الذي سيؤثر على إنفاق المستهلكين والمبيعات في قطاع التجزئة.
ستتعاظم المحفزات المالية بعد أن تثبت السياسات النقدية عجزها. ومن المرجح تزايد الإنفاق على البنية التحتية بعد تزايد الإعانات لمواجهة البطالة الناجمة عن الركود والملاحق التكميلية لذوي الدخول المنخفضة.
القيادة
"كورونا" أصبح التحدي الأول للعديد من القيادات في الوقت الراهن، تتعامل معه بشكل يومي سواء على مستوى القيادات السياسية التي توجه دفة الدول نحو عبور هذه الأزمة أو على مستوى القيادات الحكومية، التي تسعى جاهدة لمساندة القيادة السياسية في التعامل مع هذا التحدي، وضمان استمرارية الأعمال والخدمات الحكومية، أو على مستوى قيادات القطاع الخاص، التي تسعى جاهدة للنجاة بمؤسساتها من تبعات هذه الأزمة، لذا فالواقع الذي يفرض نفسه، هو تعاطي القيادات وتعاملها مع أزمة غير مسبوقة.
إذ يقول ريني روهيرربيك مدير الابتكار والتحول والتبصر بالمدرسة العليا للتجارة في فرنسا: "نحن الآن نحاط بالغموض، الطرق القديمة لاتخاذ القرارات تفشل بسبب نقص المعلومات، وفي مثل هذا الموقف، نحتاج إلى قادة يمكنهم العمل وسط هذا الغموض، بخطط سريعة وعن طريق التعلم من الأخطاء".
وأضاف أنه في الأشهر القادمة، علينا التأكد من أن القادة يحصلون على التدريب المناسب، حيث يجدون فجأة أن عليهم العمل والقيادة في هذه البيئة الغامضة.
وتابع، أنه بعد مرور الوباء سنرى ازدياد في عدد القادة الذين يتخذون قراراتهم بناء على قناعتهم وموهبتهم، إلى جانب تطبيق التقنيات الصحيحة، والسيناريوهات السريعة القائمة على التعلم من الأخطاء.