حب في الزنزانة .. قصة فلسطينية تنتظر أسير لتتزوجه بعد 16 عاما
التفاني في الحب، يصنع المعجزات، خاصة وأن كان ذلك مدعما بالأمل في الأشخاص، وقصة شذى الفلسطينية قد تبدو قصة خيالية، لا تُصدق من الوهلة الأولى، ولكن ما جرى على أرض فلسطين بين الأسير هادي همشري وخطيبته شذى العلي، خير دليل على ذلك، خاصة بعدما قضى "الهمشري" نحو 16 عاما داخل سجون الاحتلال، وظلت حبيبته تنتظره دون كَلل أو ملَل.
ولكن شذى لم تضيع طوال فترة الانتظار هباء وإنما قامت بشراء بيت لهما وأنجزت من أمواله وراتبها، ليحتضنهما هذا البيت، ويُسدل الستار على سنوات الصبر بإتمام حفل زفاف لهما والعيش سويا.
ويذكر أن علاقتهما لم تكن وطيدة قبل اعتقاله، حيث تعرفت عليه من خلال كلام أخواتها عنه، كونه صديق لهم، ومن خلال ذلك الحديث أعجبت بشخصيته ونضاله من أجل وطنه وشعبه، وظلت تتبع الفتاة العشرينية أخباره قبل أن تبعث رسالة للأسير الفلسطيني بعد موافقة ذويها، ولكنها لم تكن تدري أن الشيء الخفي الذي تحرك بداخلها و دفعها لأرسال الرسالة، استطاع أن ينقذ هادي من جحيم اليأس.
وكانت بداية الأسر منذ عام 2003، بعد أن حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي الشاب الثلاثيني هادي، كونه عضوا بحركة فتح الفلسطينية، وخضع لمحاكمات سريعة أصدرت قرارها بحبسه 25 عاما ، تم تخفيفها لـ16 عاما بعد أن تدخل عدد من المحامين.
ومرت سنوات الغياب الطويلة، مع استمرار تبادل الرسائل والجوابات بينهما، التي تمثل لقاءات على ورق، وكان النظام صارما إذ يُسمح بتبادل 3 ورقات فقط عبر منظمة الصليب الأحمر كل شهر، وعاش كلا منهما يتجرعان الحب وينسجان من كلمات الجوابات حياة سيحياها معا بمجرد الحصول على الحرية.
إلى أن قرر كلاهما أنهما لم يعدا يطيقا الانتظار أكثر لرؤية بعضهما، وجاء الحل متمثلا في أمر واحد، وهو إتمام وثيقة زواج حتى يتمكنا من اللقاء، وذلك لأن الاحتلال لا يسمح سوى بزيارة الأقارب من الدرجة الأولى فقط، وبالفعل حصلا على موافقة الأسرة، وكان الشهود من أعضاء بالصليب الأحمر، والإشهار في المحاكم الفلسطينية، وامتدت الإجراءات لنحو عام تقريبا.
وبالفعل تمت المقابلة، ولكن عبر لوحا زجاجا يفصل بينهما، واستمرت مدة الزيارة 40 دقيقة عبر فيها كل طرف عن حبه للأخر من خلال الصمت أحيانا والكلمات أحيانا أخرى، وعلى مدار 10 سنوات، بات على عاتق شذى تجهيز بيت الزواج، وظلت تبحث عن أرض مناسبة برفقة ذويها وأسرته، ومن ثم أخذت في تأسيس خطوة بخطوة.
ويسمح نظام الأحتلال بـ5 صور فقط للأسير في الزيارة، فكانت شذى تستغل تلك النقطة و ترسل لهادي كل مرحلة من لحظة شراء قطعة الأرض للتأسيس ثم التجهيز، محاولة بذلك مشاورته في كافة التفاصيل، من عدد الغُرف وألوان الجدران والأثاث.
وانقضت الأيام، وانتهت مُدة السجن، ونال هادي الحرية بعد 16 عاما من السجن والأسر، وخرج ليجد العشرات بالخارج في انتظاره، مع أمه التي تحتضنه باكية، وعدد من وسائل الإعلام المختلفة التي تعمل على رصد ونقل الحدث، إلا أنه لم يكن يبحث سوى عن حبيبته شذى.
واستكمل هادي رحلته نحو "طولكرم" في استقبال حافل من أبناء بلدته، الذين احتفلوا به كأسير فلسطيني قاوم اليأس وعاد من جديد، وبدأت مراسم الاستعداد للزواج، وتم تحديد يوم 15 يونيو من عام 2019، لإقامة العرس.
وانشغل الثنائي بإنجاز لتجهيزات الأخيرة في البيت، في الوقت الذي شرع فيه الأهالي في حجز قاعة الفرح ودعوة الأقارب والجيران، لعرس البطل هادي وزوجته وقصتهما التي صارت حديث فلسطين.
