لا تصنع الطائرات فقط.. ماذا تعرف عن العملاق الأمريكي ”بوينج”
إيمان إبراهيم فهيم محطة مصرباللون الأزرق وبشعار سهم يلتف حول الكرة الأرضية، تطل على العالم بشعار، يمثل التجربة الحية لعملاق اجتاح السوق الأمريكي والعالمي منذ زمن، إذ ترمز حروف الشعار الملونة بالأزرق الفاتح إلى السماء، ويعبر الشعار نفسه عن تصميم الشركة للوصول إلى آفاق جديدة ومستقبل مشرق.. أنها "بوينج" صاحبة التاريخ الذي يزيد عن 100 عام في السوق العالمية.
تدعم العملاقة بوينج، العملاء من الولايات المتحدة والخطوط الجوية والحكومات الحليفة في أكثر من 150 دولة حول العالم، وفي نفس الوقت الذي احتفظت فيه بوينج بمركزها البالغ الأهمية في ملعب صناعة الطائرات العالمي على مدار عقود من الزمن، قدمت فيها للعالم مجموعة متكاملة من الطائرات مختلفة الاستخدامات، ما بين الطائرات الحربية والنفاثة وسلسلة طائرات بوينج لرجال الأعمال، إضافة إلى امتلاكها ما يصل إلى 10 آلاف طائرة تجارية في الخدمة في مختلف أنحاء العالم، أي ما يشكل حوالي 50 بالمائة من الأسطول الجوي العالمي، ما بين الطائرات المدنية، والعسكرية.
كما أن لطائرات بوينج من طراز 707 الفضل في كون الولايات المتحدة أول مصنع للطائرات التجارية النفاثة في العالم، إضافة لتاريخها الطويل في تصنيع طائرات الشحن حيث يتم نقل 90% من حمولات الشحن في العالم على متن طائرات بوينج.
لكن التاريخ الممتد لبوينج في مجال تصنيع الطائرات دفع لاقتران الصورة الذهنية العالمية لها بهذه الصناعة فقط، في الوقت نفسه الذي يحفل تاريخ بوينج بإسهامات تتنوع بصورة كبيرة، وتجعل من محاولات قصر تاريخها على صناعة الطائرات فقط قدرا من الاختزال المخل، إذ تقدم "بوينج" للعالم عددا من أهم الإسهامات التي تقف على نفس قدر المساواة من الأهمية بقطاع الطائرات العالمي.
عربات بوينج LRV
عربات السكك الحديدية:
فمع محاولة الحكومة الأمريكية للحفاظ على وظائف مقاولي الحرب في أعقاب انتهاء حرب فيتنام، طلبت إدارة النقل الجماعي الأمريكية، تصميم عدد من عربات السكك الحديدية الخفيفة، لتحل محل المعدات الدارجة القديمة في جميع أنحاء البلاد، وقد وقع الاختيار عام 1971 على شركة "Boeing"، لتدير أنظمة السكك الحديدية السريعة الجديدة.
وبناء على ذلك بدأت "بوينج" بناء 230 مركبة سكة حديدية خفيفة، وأطلق على مركباتها الخاصة بالسكك الحديدية "Boeing LRV"، وقد دخلت الخدمة في ولاية سان فرانسيسكو عام 1979، كما بدأت "Boeing Vertol" بناء العربات من طراز "2400 Rapid Transit Cars" في عام 1976، لتزود بها هيئة النقل في شيكاغو.
وبحلول مارس 1982، كانت 114 مركبة "LRV" تعمل في أسطول الخدمة ببوسطن، وقد بدأت شركة موني إدخال مركبات "LRVs" في طور التقاعد بعد وصول بدائل لها، وتركت آخر مركبة الخدمة في نهاية عام 2001 .
الأقمار الصناعية من تصنيع شركة "بوينج"
أقمار "بوينج" الصناعية:
تدخل بوينج هذا العام عقدها السادس في قطاع تصنيع الأقمار الصناعية، وتعمل بوينج في مجال الأقمار الصناعية التجارية، إذ تقوم Boeing Commercial Satellites بتصميم وبيع أقمار الاتصالات، وتنقل المركبات الفضائية المبنية من بوينج بشكل روتيني الاتصالات الرقمية، والاتصالات المتنقلة، والاتصال بالإنترنت، والمكالمات الهاتفية، ومؤتمرات الفيديو، والبرامج التلفزيونية.
كما تعمل في مجال الاقمار الصناعية العسكرية، اذ تشمل البرامج نظام (WGS) الذي يضم أقمار الاتصالات العسكرية التابعة للبنتاجون، إضافة الى نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) IIF للأقمار الصناعية، والتي تقدم الآن خدمات ملاحة متقدمة، وستة أقمار صناعية تابعة لوكالة ناسا للتتبع وترحيل البيانات.
و من أهم إسهامات الشركة في مجال الأقمار الصناعية هي برامج" O3b mPOWER"، وهي أحد عشر قمرًا صناعيًا ستوفر اتصالات بيانات إنترنت عالية الأداء، ومنخفضة زمن الوصول إلى شركات الاتصالات، ومقدمي خدمات الشبكات الآخرين على مستوى العالم، وتغطي 96٪ من سكان الكرة الأرضية وأربعة أخماس سطح الأرض.
إضافة إلى قمر "JCSAT-18 / Kacific1"، وهو قمر صناعي مميز من شأنه تحسين خدمات الهاتف المحمول والنطاق العريض في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتوفير إنترنت عالي السرعة، عريض النطاق لأكثر من 25 دولة في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ.
كبسولة "starliner "
الكبسولات الفضائية:
تعمل بوينج منذ عدة سنوات في مجال الكبسولات الفضائية، إذ تعتبر كبسولة "starliner Boeing" من أهم المركبات الفضائية التي تقوم بوينج بالتعاون مع شركة بيغلو الفضاء بتطويرها بتوجيه من ناسا، لنقل رواد الفضاء والتموينات إلى محطة الفضاء الدولية، وإعادتهم، في إطار برنامج ناسا المسمى "CCDev"، وبذلك تكون المهمة الأساسية للكبسولة هي نقل الطاقم إلى محطة الفضاء الدولية، وهي أول كبسولة فضائية يتم بنائها بأكملها في منشئة "Boeing's Commercial Crew and Cargo Processing".
تجارب بوينج في أنظمة الدفاع الاستراتيجية
أنظمة الحماية من الصواريخ:
تمثل شركة بوينج المقاول الرئيسي لبرنامج "GMD"، الذي يقوم على تطوير واختبار وتنفيذ نظام لكشف وتعقب وتدمير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى في منتصف مسارها، ويعتبر "GMD" البرنامج الدفاعي الوحيد الذي تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذه عملياً لمواجهة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
في الوقت نفسه تعمل "بوينج" في تطوير أنظمة الصواريخ الاستراتيجية، حيث تقدم الدعم الهندسي لنظام الصواريخ البالستية العابرة للقارات بالتعاون من شركة نورثروبغرومان، وقد لعبت دورا هاما في تطوير هذا النظام وتصميمه وإنتاجه وصيانته.
كما وقعت "بوينج" عام 2009 عقدا مع البحرية الأمريكية لتطوير أسلحة نووية تعمل بنظام الليزر ذو الإلكترون الحر، والذي سيغير من نمط الحرب البحرية في العقد المقبل من خلال توفير أسلحة ذات دقة عالية جدا في إصابة الهدف.
"ناسا" و"بوينج" يتعاونان في رحلة ارتميس 1
أنظمة الإطلاق الفضائية:
مثلت العودة إلى القمر عام 2020 من صميم عمليات "ناسا" المستقبلية لاستكشاف الفضاء، ويدعو برنامج ناسا إلى بناء أسطول جديد من المركبات الفضائية والصواريخ، وتتحمل شركة "بوينج" مسؤولة إنتاج وتوفير أنظمة إلكترونيات الطيران والمرحلة الأخيرة لصاروخ (آريس1)، الذي يعد الجوهر الأساسي لنظام نقل فضائي آمن وموثوق ومنخفض التكلفة، يقوم بإرسال بعثات إلى القمر.
إضافة إلى ما حققته منتجات "بوينج" من قفزات هائلة في استكشاف الإنسان للفضاء على مدى العقود الخمسة الماضية، ومع برنامج ناسا "أرتميس" ستكون بوينج جزءًا من رحلة ناسا للهبوط على سطح القمر بحلول عام 2024 والاستكشاف المستدام لسطح القمر.
تعتبر "بوينغ" هي المقاول الرئيسي لتصميم وتطوير واختبار وإنتاج المرحلة الأساسية لمركبة الإطلاق والمراحل العليا، بالإضافة إلى تطوير مجموعة إلكترونيات الطيران، وقد اكتملت المرحلة الأساسية التي صممتها "بوينج" لمهمة "Artemis I" كما تقوم "بوينج" ببناء المراحل الأساسية لأرتميس الثاني والثالث.
بهذا الشكل يمثل تاريخ طائرات "بوينج" على تنوعها حقلا واحدا من الإسهامات البالغة الأهمية للعملاق الأمريكي، الذي أثرى السوق العالمية بإنجازات امتدت من حقل استكشاف الفضاء، وحتى عربات السكك الحديدية على مدى اكثر من 100 عاما في السوق العالمية.