مجانين التريند
كاتب صحفي وعضو لجنة حماية حقوق مستخدمي الاتصالات كمال ريان محطة مصرمن أسوأ وأخطر الظواهر التي ابتُلينا بها مؤخرا ظاهرة مجانين التريند، وهم طبقة أو شريحة أو فئة من الحالمين بالشهرة أو الغنى السريع دون جهد وعلى غير أساس، والذين وجدوا في مواقع التواصل الاجتماعي ضالتهم بما تدره من عائدات كبيرة وسريعة بقدر المشاهدات واللايكات التي تحصدها صفحات الفيسبوك ومواقع اليوتيوب.
هذه العائدات الكبيرة المرتبطة بحجم اللايكات والمشاهدات للفيديوهات أغرت مجانين الشهرة والطامعين في الثراء السريع على اختيار الطريق الأسهل بالنسبة لهم لتحقيق أحلامهم المريضة، وهو اللجوء لكل ما هو غريب وشاذ من البوستات والفيديوهات، واللعب على أحط غرائز البشر وهي غريزة البحث عن الفضائح لتجميع الذباب الإلكتروني على محتوى عفن يخاطب ذئاب جائعة للفضائح بجميع أنواعها.
وما زاد هذه الظاهرة الخطيرة توغلا وتوحشا، نجاح بعض هؤلاء في تحقيق أحلامهم وتصدرهم للتريندات وتحقيق شهرة فاقت أحلامهم وأموالا فاضت عن قدرتهم على الاستيعاب، فكانت النتيجة المزيد من المجانين الذين تخلوا عن كل القيم وباعوا أعراضهم ونخوتهم بحثا عن اللايكات والتريندات، فرأينا من يهتك عرض بيته وأسرته ويقايض اللايكات بشرفه، فيعرض بثا حيا على مدى اللحظة لبيته وزوجته في جميع الأوضاع، كما رأينا من دخلت الفن من بوابة الصور المغرية والبوستات الصادمة والفيديوهات الخادشة للحياء.
المشكلة الأكبر ليست فيما يفعله هؤلاء الشواذ، لكن في تقبل الآلاف أو الملايين لشذوذهم وتفاعلهم معهم ومساعدتهم على تحقيق أحلامهم المريضة، بل إن مواقع معروفة للأسف تدعم بدورها هؤلاء المجانين من خلال نشر بوستاتهم وفيديوهاتهم لهثا وراء نفس الهدف الخبيث وهو المتابعات واللايكات، فكانت النتيجة المزيد من التدني والانحدار، فرأينا مدعي مرض السرطان وعواجيز نادي الجزيرة وغيرهم العشرات إن لم يكن المئات ممن طفوا على السطح أو لا يزالون يشقون طريقهم نحو عالم اللايكات المجنون.
الظاهرة خطيرة وهي تمثل تهديدا ليس فقط للقيم بل لفكرة الأسرة وللمجتمع كله، وتتطلب تحركا سريعا بالتشريعات والقوانين الحاسمة التي تردع هؤلاء كما تردع كل من يروج لهم حتى لو كانت مواقع وجهات إعلامية معروفة.. فما يحدث من مجانين التريند إرهاب اجتماعي لا يقل في خطورته عن الإرهاب السياسي.. إنها صيحة تحذير لعلنا ننتبه قبل فوات الأوان.