أبوالغيط يطالب بالإنصاف في توزيع لقاحات كورونا حول العالم
أحمد يوسف محطة مصروجه أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية اليوم الشكر والتحية لجميع الأطقم الطبية الذين يعملون على الخطوط الأولى في البلدان العربية في مواجهة وباء كورونا والذين بذلوا الوقت والجهد والعرق، بل والحياة نفسها في بعض الحالات، لكي يساعدوا المجتمع على تجاوز هذا الخطر الداهم، مؤكدا أن الاجتثاث الكامل لفيروس كورونا لن يكون ممكنًا في الأجل المنظور.. وإنه سيكون علينا في المستقبل التأقلم مع قدر من التعايش مع هذا الفيروس وما يفرضه من تغير في النظم الحياتية.. وفي العادات الصحية والاجتماعية.
جاء ذلك فــي كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة العادية 54 لمجلس وزراء الصحة العرب الذي عقد اليوم برئاسة الدكتور فوزي المهدي وزير الصحة بالجمهورية التونسية-رئيس الدورة العادية 54 لمجلس وزراء الصحة العرب، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، ومشاركة الدكتورة هالة زايد-وزيرة الصحة والسكان بجمهورية مصر العربية-رئيسة المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب.
وأكد أبو الغيط أهمية الدورة العادية (54) لمجلس وزراء الصحة العرب، والتي تنعقد لمواجهة الأعباء الصحية التي فرضتها جائحة كورونا على دولنا، وتحديدا على أنظمتها الصحية، بالإضافة إلى تداعياتها على كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والإنسانية غير المسبوقة.
وأوضح إن العالم يعبر في هذه الآونة إلى المرحلة الثانية في التعامل مع الوباء باحتوائه وتطويقه من خلال الأمصال واللقاحات.. وهي مرحلة دقيقة وحاسمة حتى بالنسبة للمجتمعات التي لا تشهد نسبًا عالية من الإصابة أو الوفاة.. لأن اللقاحات تُمثل السبيل الأقصر إلى إعادة النشاط الاقتصادي وفتح الحدود.. ويقتضي ذلك من الحكومات العربية، والقطاعات الصحية العمل بصورة حثيثة ومتواصلة من أجل تأمين وصول اللقاحات إلى أكبر عددٍ من السكان، في أقصر مدى زمني ممكن.. وهو تحدٍ كبير، ويقتضي استجابة على قدره.
وأضاف: " لقد مرّ ما يزيد على عامٍ على قيام منظمة الصحة العالمية بإعلان كورونا جائحةً أو وباء عالميًا.. وقد تجاوزت عداد الوفيات عتبة 2.5 مليون إنسان.. والآثار المتشعبة لهذه الجائحة تكاد لا تستثني بلدًا أو حتى إنسانًا.. وكما هو الحال مع النوازل والملمات التي تقتضي من الإنسان وقفة لمراجعة حياته وأولوياته.. فإن الدول أيضًا ستنخرط في مراجعات لقائمة أولوياتها وطُرق أدائها لوظائفها".
وتابع أبو الغيط أن الفرصة الكبرى التي ينطوي عليها وباء كورونا هي دفعنا جميعًا، كمجتمعات وحكومات، إلى مراجعة طرق تفكيرنا، واتخاذ الإجراءات المناسبة للتكيف مع هذا الواقع الجديد.. الذي يبدو لنا جميعًا أنه ليس واقعًا عابرًا، أو أمرًا طارئًا ولكنه سيصبح – في بعض جوانبه على الأقل كما يسمى بالإنجليزية- New normal أي وضع جديد مستديم يتعين التعامل معه بوصفه كذلك.
وأشار إلى ان العنوان الأهم للتغيير الجاري عالميًا يتمثل في مزيد من التركيز على تعزيز قدرات الحكومات على الصمود في مواجهة أزمات مركبة، وممتدة التأثير، حتى لو كان احتمال وقوع هذه الأزمات ضئيلًا.. لقد كشفت جائحة الكورونا عن الكلفة الإنسانية والاقتصادية العالية لمثل هذه الأزمات الخطيرة بما يُبرر حشد الموارد والإمكانيات في المستقبل للاستعداد لها، ذلك أنه مهما ارتفعت تكلفة تعزيز قدرات الدول في التعامل مع أزمات مستقبلية محتملة، فإنها لا تُقارن بتكلفة الأزمة حال وقوعها.
واستطرد: " لقد صار واضحًا لدى الجميع أن الإنفاق على الصحة، وعلى الإمكانيات المادية والبشرية للقطاع الصحي.. هو أعلى استثمار يُمكن أن تقوم به دولة من حيث العائد المجتمعي، بل والاقتصادي على المدى الطويل لقد تابعنا جميعًا استجاباتٍ مختلفة لحكومات مختلفة عبر العام الماضي في التعامل مع الجائحة، صحيًا ومجتمعيًا واقتصاديًا.. وظني أنه لا توجد حكومة تقريبًا لم تُخطئ أو تتعرض للنقد في مرحلة من مراحل مواجهة الوباء.. بعض الحكومات كان انجح من البعض الآخر من دون شك.. ولكن حتى الحكومات التي نجحت في البداية تعثرت عند مرحلة ما.. وبعض الحكومات أخطأت في التعامل الأوليّ، ثم ما لبثت أن صححت المسار لاحقا، وهنا، فمن المهم أن تستقي الحكومات العربية الدروس وتصل لخلاصاتها الخاصة.. من دون تهاون مفرط من ناحية، أو إغراق غير مبرر في جلد الذات من ناحية أخرى.. فالعالم كله واجه خطرًا لم يكن مستعدًا له.. والجميع جرب وأخطأ وأصاب وأعاد التقييم.
وأكد ان حال المنطقة العربية يظل أفضل من غيرها.. والاستجابات الحكومية اتسمت بقدر عالٍ من المسئولية والحسم.
واستكمل أبو الغيط: " لقد رأينا أن بعض الكتل الإقليمية -مثل الاتحاد الأوروبي- تُحرز نجاحًا في إجراءات الحصول على اللقاحات من خلال إجراءات تكاملية وتنسيقية.. وهو أمرٌ أتصور أن مجلسكم الموقر سيُعنى به ويلتفت إليه.. إن التكامل الإقليمي في السياسات الصحية يُمثل عنوانًا مهمًا في السنوات القادمة.. إذ ثبت أن لا دولةَ قادرة على مواجهة التحدي الذي تمثله الجائحة بمفردها.. الأمر الذي يقتضي تفكيرًا إبداعيًا في مجال التكامل في السياسات الصحية العربية.. بداية من نظم الإنذار المبكر وتبادل المعلومات، ونقل الخبرات وأفضل الممارسات، وليس انتهاء بتنسيق السياسات الدوائية، انتاجًا واستثمارًا وتفاوضًا مع الشركات العالمية".