لا أطيق معاشرته
خبيرة تربوية نجوى حجازي محطة مصرتلك عبارة أطلقتها امرأة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبر بها عن عدم رغبتها في الاستمرار مع زوجها رغم اعترافها أنه ليس به عيب سوى أنها رأته أقبح من غيره من الرجال ،ولم تذكر عيباً آخر به، بل كان يكرمها ويحسن معاملتها ، فطلب منها النبي صلى الله عليه وسلم أن ترد له ما أمهرها به وطلب من زوجها أن يطلقها.
وقد تُظهر لنا تلك القصة أبعاداً كثيرة عن شخصية المرأة التي ربما يرى الكثير من الرجال أنها لغز لا يمكن حله ،أو أنها كائن تافه لا يجب الالتفاف إليه، ففي تصريحها بيان لقوة المرأة في التعبير عن رأيها وبصراحة بالغة بل وعن قوة شخصيتها، فهي لم تخجل أن تعبر عن مشاعرها وبصراحة أمام زوجها وأمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما لو أتت تلك المرأة في عصرنا هذا لتعبر عن رأيها بنفس الصورة وبتلك الصراحة لاتهمها البعض بالوقاحة وانعدام التربية.
وربما يكمن غموض المرأة لدى الكثير من الرجال في مشاعرها فالمرأة كائن لا أبالغ إن قلت أنها قد تعيش بتلك المشاعر أجمل لحظات حياتها فهي تحب جنينها وتهتم به قبل أن تراه ،كما كانت تهتم بدميتها وهي صغيرة ،تتخيل حياتها مع زوجها قبل أن تعيش معه تلك الحياة ، تعشق تفاصيله التي قد لا يلتفت هو إليها أو قد لا يلحظها في نفسه.
ومن هنا نجد أن نصف حياة المرأة خيال من نسج مشاعرها ، فيبدأ الصدام بالواقع عندما تجد أن ما تخيلته وعاشته في خيالها وأخذ منها هذا الحيز من التفكير وتدفق المشاعر ماهو إلا صدمة لها ولمشاعرها ، وربما لو أمعنا النظر في معظم مشاكل الطلاق لوجدنا أن تلك المشاكل التي أودت إلى الطلاق ليست السبب الرئيسي فيه وإنما القشة التي قسمت ظهر البعير فأودت بالحياة إلى الهاوية.
ولو أن الرجل عامل المرأة على أنها كائن ينبض بالمشاعر لما تهدمت بيوت وتحطمت قلوب ،ففي الماضي الذي ليس ببعيد عندما كانت المرأة تعرف أن مسئوليتها البيت والزوج كان الرجل يحمل على عاتقه كل المسئوليات والمهام الصعبة من أجل أن يجد مشاعر المرأة واهتمامها به ورعايتها له ولأولاده.
ولكن عندما اختل الميزان وأصبحت المرأة شريكاً للرجل خارج المنزل وداخله توزعت المهام إلا المشاعر فقد أبت المرأة أن تقايض بها أوعليها لأنها إذا بذلتها فلن تجد قلباً يحمل تلك المشاعر ويترجمها إلى تفهم لرغبات وأمنيات المرأة التي في معظم الأحيان تكون بسيطة وتافهة في بعض الأحيان، فربما كرم الرجل مع المرأة في المدح عطاء ،وربما الهدية عطاء، وربما اللعب معها عطاء ،والخروج معها عطاء، ومساعدتها عطاء، والاهتمام بطلباتها التافهة من وجهة نظره عطاء، وتقدير اهتماماتها عطاء، والأهم من ذلك وجوده في حياتها لأنه قمة العطاء ،فإذا تغيب عطاء الرجل بأي شكل من الأشكال سنظل نسمع عبارة لا أطيق معاشرته.